الجمعة، 15 مارس 2013

الآن تطفأ الانوار


الظلام.اخاف منه!لا ليس الظلام !الظلمة ..الظلمة التي تبتلعك داخلها .. الظلمة التي تنفذ لداخل روحك فتخنقها..الظلمة التي تحيطك وتحاصرك ولاتترك لك حتي مجالا لتخيل ما اهو ابشع منها..ظلمة تتماهي معها فتصير امتدادا لها او جزءا منها.
ابي......اكرهه!لانختار ابائنا ولا اوطاننا ونولد غالبا لآباء لا نريدهم _ وأحيانا أيضا لا يريدوننا_ ونرث صفاتهم وملامحهم وامراضهم دون ان نكون في حاجة لانتظار موتهم...ابي ..بالتأكيد ليس كباقي الآباء أو هو من نوع خاص منهم...لا أدري الأكيد ان أبي لم يحملني وأنا صغير ولم يلاعبني!أبي متعته الوحيدة في الحياة ايلامي وايلام أمي وأختي.تسأل عن العنف!تعال وانظر لآثار الضربات علي جسد أمي.تعال وشاهد كل التدرجات اللونية علي ظهرها...تعال وامسك عرائس أختي الممزقة...عرائس!اه ليست عرائس بل وسائد تخيلتها أختي عرائس مزقها أبي...هل اكشف لك عن ظهري المغطي بحروق السجائر...أبي!اكره أبي ...اكرهه ...اكرهه...اكرهه.
امي !الخوف مجسدا.....امي لا تتحدث...واذا فعلت فبصوت لايكاد يسمع..تخاف ابي وتخاف كل شئ ...كل شئ...اكرهها ايضا.
كانت الانوار تطفأ كل يوم في بيتنا..ومع الظلام اخاف مما يفعله ابي......كانت ضربات العصي تنهمر علينا...نتقارب ثلاثتنا ونتشارك في كل ضربة..يسري توتر اجسادنا بيننا...يتعاظم الخوف ولا نستطيع صراخا...لا نستطيع حتي بكاءا صامتا..مع كل ضربة يزداد تقاربنا...يزداد احتضان امي لي ويزيد احتضاني لاختي.
لم اكن نتخيل انه في يوم ما يمكن ان يمرض ابي....ولكنه مرض....مرضا شديدا جعله طريح الفراش.....في البداية كنا نتكوم منتظرين الضربات ان تنزل علينالكنها لم تأت...الظلمة قائمة والخوف قائم ولكن أبي ليس هنا...أبي اقعده المرض.
بمرور الوقت ادركت ان ثمة ما تغير... بدأت اقترب منه..اتحسسه اعبث في جسده..اضحك ساخرا منه ...لم يحرك ساكنا...اطفأ السجائر في جسده......واذا حرك شفتيه محاولا الصراخ.....تسبقه يدي بلطمة علي وجهه.
ابي الان لا يحاول الصراخ بل يخافه....وانا لم اعد اكرهه....بل انني صرت اخاف اليوم الذي سيموت فيه.وامي علي عهد ابي بها...لا تتكلم واذا تكلمت فبصوت خافت جدا ...واختي مازالت تجد عرائسها ممزقة.
صرت احب الظلام .......ودائما اطفأ الأنوار كل يوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق